فلسطين المحتلة
مصطلح سياسي وعربي (وإسلامي)
إلى حد كبير، وكذلك لدى الكثير من الدول خاصة دول العالم الثالث. والقوى والهيئات والأحزاب السياسية في العالم، التي ناصرت العرب في نزاعهم مع إسرائيل حول «قضية فلسطين» خاصة منذ بداية خمسينات هذا القرن حتى أواخر هذا القرن (القرن العشرين).
طغى استعمال هذا المصطلح في الخطاب السياسي الفلسطيني والعربي الرسمي والشعبي، منذ نكبة فلسطين 1948 وضياعها واغتصابها على يد الحركة الصهيونية اليهودية العالمية.
الموقع:
تقع فلسطين غربي قارة آسيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يحدها من الغرب.
ويبلغ طول ساحلها عليه 224 كم.
ويحدها من الشمال الشرقي سوريا، ويبلغ طول الحدود بينهما 70 كم.
وأما من الشمال فيحدها لبنان وسوريا، ويبلغ طول حدودها مع لبنان حوالي 79 كم،
ومن الشرق يحدها الأردن حيث يبلغ طول حدودها معه حولي 360 كلم.
وتطل فلسطين على الرأس الشمالي لخليج العقبة عبر ساحل طوله 10,5 كم. ويبلغ طول الحدود الجنوبية الغربية مع مصر نحو 240 كلم.
وتبلغ مساحة فلسطين كاملة 27009كم2، وهي مستطيلة الشكل.
أما مساحة «السلطة الفلسطينية» حالياً
بعد اتفاق أوسلو 13 أيلول 1993 فهي كالتالي:
تبلغ مساحة الضفة الغربية، من دون الجزء المتعلق بالبحر الميت 5646كم2.
ومساحة قطاع غزة 360كم2.
أي أن المساحة الإجمالية لهما هي: 6006كم2، أي نحو 24% من مجموع مساحة فلسطين بالاجمال. وهي المساحة المطلوبة من إسرائيل الانسحاب منها بموجب اتفاقية أوسلو وما بعدها.
نبذة تاريخية:
الفلسطينيون:
يعود أصلهم إلى سواحل بحر إيجه في آسيا الصغرى وإلى جزيرة كريت، هاجروا إلى فلسطين أواخر القرن الثالث عشر ق.م. وقد سميت هذه السواحل التي أقاموا عليها بـ«فلسطين» نسبة لهم. ويذكر المؤرخون أنهم شيدوا خمسة مدن مهمة هي: غزة وعسقلان وغاث وعقرون وأشدود. وقد هاجمهم العبرانيون كثيراً، واستمر السجال فيما بينهم. ولم يمض القرن الحادي عشر ق.م. حتى كان الفلسطينيون قد اندمجوا بشكل كامل في الحضارة الكنعانية. وقد دل على ذلك عدة أدلة أثرية وتاريخية. بعد ذلك، تعرضت فلسطين إلى غزوة من قبل اليهود مارسوا خلالها ضروباً من القسوة والوحشية والإبادة، إلا أنهم لم يستطيعوا طرد السكان الأصليين. حاول يوشع بن نون احتلال مدينة يبوس (القدس) فقاومه اليبوسيون بقوة، وظلت القدس ممنوعة على اليهود بنحو مائتي عام، وأخيراً نحو عام 997 ق.م. تمكن النبي داود من الاستيلاء على القدس، وبعد وفاته عليه السلام تولى ابنه سليمان عليه السلام حكمها ومن بعده ولده رحيمام سنة 975 ق.م. وقد انقسمت البلاد إلى دولتين: مملكة يهودا وعاصمتها أورشليم، ومملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة، واشتدت الحرب بين المملكتين مما شجع الآشوريين على مهاجمتهم وإخضاعهم واحتلال القدس، وانقرضت مملكة يهودا سنة 586 ق.م. وبهذا انتهت أسرة داوود المالكة في أورشليم وكذلك انقرضت مملكة إسرائيل وفي سنة 332 ق.م.
استولى الاسكندر المقدوني على أورشليم، فانقسم اليهود إلى قسمين: منهم من اقتدى باليونانيين وحضارتهم، ومنهم من بقي متعصباً، وقام بتمرد ضد الاضطهاد اليوناني.
وفي عام 135 ق.م. تمكن الامبراطور الروماني هدريان من إخماد ثورة اليهود ودمر أورشليم، وقتل أعداد كبيرة من اليهود ومنعهم من دخول القدس.
وفي أواخر القرن الأول ق.م.
ولد السيد المسيح في بيت لحم وعاش في فلسطين حيث انتشرت تعاليمه رغم ما لقيت دعوته ورسالة من عداء ومقاومة من جانب اليهود والرومان. حتى كان مطلع القرن الرابع الميلادي حيث تنصر الامبراطور قسطنطين فشيد عدة كنائس أشهرها كنيسة القيامة في القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم.
العهد الإسلامي:
اتجهت الجيوش الإسلامية لفتح بلاد الشام ومحاربة الروم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وكان على رأس الجيش الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح. فتولى القيادة خلال معركة اليرموك الفاصلة القائد المحنك خالد بن الوليد الذي استطاع الحاق هزيمة منكرة بالجيش البيزنطي، وتوغل الجيش الإسلامي في مختلف المناطق. وسار أبو عبيدة باتجاه بيت المقدس وحاصرها، فأجابوا إلى الصلح ولكنهم اشترطوا أن لا يسلموا المدينة إلا لأمير المؤمنين، فأرسل أبو عبيدة إلى أمير المؤمنين يخبره بالأمر. فخرج الخليفة عمر من المدينة باتجاه بيت المقدس. وترك الإمام علي بن أبي طالب على المدينة، فدخل بيت المقدس ثم دخل المسجد الأقصى وصلى فيه مع المسلمين، ثم سار إلى الصخرة وجعل المسجد في قبلة بيت المقدس، ورجع إلى المدينة المنورة. وبقيت القدس عربية إسلامية تعاقب عليها الحكام العرب والمسلمون من الخلفاء الراشدين إلى الأمويين والعباسيين إلى بني طولون والأخشيديين فالفاطميين والسلاجقة والمماليك والعثمانيين منذ فتحها الخليفة عمر بن الخطاب سنة 15 هـ/636 م حتى سنة 1367 هـ/1948م.
باستثناء فترة الحروب الصليبية، حيث تمكن الناصر صلاح الدين الأيوبي من تحريرها من يد الصليبيين بعد معركة حطين (1099 ـ 1187 م). وقد شهدت فلسطين في العهد الإسلامي انتعاشاً واسعاً، فشيدت المعاهد الإسلامية العلمية، وبرز العديد من العلماء والمفكرين والقادة.
فلسطين والاستعمار:
شكلت فلسطين عبر التاريخ هدفاً مهماً لجميع الدول الهادفة إلى التوسع سواء في التاريخ القديم أو الحديث. وفي أعقاب احتلال بريطانيا للهند في القرن السابع عشر استعاد الغرب اهتمامه بالمنطقة، كما كان لحملة نابليون على مصر وفلسطين أثر في إبراز الأطماع البريطانية في السيطرة على المنطقة.
وعد بلفور (2 تشرين الثاني 1917):
هو الوعد البريطاني الرسمي الشهير الذي أعلنت فيه بريطانيا تعاطفها مع الأماني اليهودية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وذلك على شكل رسالة بعث بها اللورد بلفور ـ وزير الخارجية البريطاني آنذاك ـ إلى اللورد روتشيلد، المليونير اليهودي المعروف.
الانتداب البريطاني:
بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، كانت فلسطين من الأراضي التي وقعت بأيدي البريطانيين، وأصبحت فلسطين بالتالي تحت الانتداب البريطاني (1922 ـ 1948 م) بموجب صك منحه الحلفاء وعصبة الأمم لبريطانيا عام 1922 ضد رغبة سكان فلسطين المعبر عنها أمام لجنة كينغ ـ كراين. وقد أدخلت في صك الانتداب مادة تتضمن التزاماً من قبل الدولة المنتدبة بإقامة «وطن قومي لليهود في فلسطين» وتنفيذ وعد «بلفور». وكان لبريطانيا عام 1922 ضد رغبة سكان فلسطين المعبر عنها أمام لجنة كينغ ـ كراين. وقد أدخلت في صك الانتداب مادة تتضمن التزاماً من قبل الدولة المنتدبة بإقامة «وطن قومي لليهود في فلسطين» وتنفيذ وعد «بلفور». وكان المندوب السامي الذي عينته الحكومة البريطانية على فلسطين هو هربرت صموئيل اليهودي الأصل الانكليزي الجنسية الذي أخذ على عاتقه أن يضع إمكانات الدولة المنتدبة لمساعدة اليهود على تنفيذ وعد بلفور، وذلك بتقديم المعونات لهم من تشجيع للهجرة، وتسهيل لعمليات شراء الأراضي وتسجيلها، وإعطائهم مساحات واسعة من أملاك الدولة، والتضييق على الفلاح الفلسطيني بكل الوسائل لإجباره على بيع أراضيه لليهود. كما جعلت بريطانيا اللغة العبرية إحدى اللغات الرسمية في فلسطين، وسمحت بإقامة مدارسهم الخاصة، وبإنشاء المستعمرات والمنظمات الصهيونية، ومنها الوكالة اليهودية التي كانت بمثابة دولة ضمن دولة، وقد نتج عن ذلك ازدياد كبير في عدد اليهود مما أشعر العرب بالأخطار التي كانت تحيق بهم مما أدى إلى قيام عدة ثورات وانتفاضات. في الوقت الذي كانت فيه معظم الحكومات العربية خاضعة للنفوذ الأجنبي.
ردة الفعل الفلسطينية:
لقد أحس الشعب الفلسطيني أن المهاجرين اليهود الجدد ليسوا إلا محتلين ينوون الاستيلاء على البلاد وطرد أهلها منها، وزاد في هذه القناعة شروع هؤلاء المهاجرين في شراء العديد من الأراضي الفلسطينية، إقامة المستعمرات عليها بدأت المقاومة بانتفاضات عفوية في مختلف المناطق وخاصة إثر وصول هجرة جديدة. وأهم وأكبر هذه الانتفاضات انتفاضة نيسان 1920 في القدس التي عبر فيها عرب فلسطين عن معارضتهم لسياسة بريطانيا ووعد بلفور والصهيونية.
ثورة البراق 1929:
وقعت أحداث هذه الثورة في صيف 1929 وذلك عندما اعتدى جماعة من اليهود على [حائط المبكى لدى اليهود] حائط البراق والجدار الغربي للمسجد الأقصى وقاموا برفع العلم الصهيوني فلم يسكت المسلمون على هذا الاعتداء وقعت أحداث هذه الثورة في صيف 1929 وذلك عندما اعتدى جماعة من اليهود على [حائط المبكى لدى اليهود] حائط البراق والجدار الغربي للمسجد الأقصى وقاموا برفع العلم الصهيوني فلم يسكت المسلمون على هذا الاعتداء وصفد، وقد أدت هذه الحوادث إلى وقوع أكثر من 133 يهودياً. وعدد كبير من الجرحى. كما سقط العديد من الشهداء العرب نتيجة هذه الصدامات. وبسب تفاقم الوضع في فلسطين اضطرت بريطانيا من أجل تهدئة نفوس العرب إلى إصدار الكتاب الأبيض في تشرين الأول 1930م. الذي نص على أن بريطانيا ستراعي في تحديد الهجرة اليهودية قابلية البلاد للاستيعاب كما ستراقب عملية انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود، وتشكل مجلساً تشريعياً في البلاد، إلا أن بريطانيا تراجعت عن كتابها الأبيض بضغط من اليهود فأصدرت بياناً تركت فيه باب الهجرة مفتوحاً، أطلق العرب عليه «الكتاب الأسود».
الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939 م):
هذه الثورة عبارة عن سلسلة من الأعمال المسلحة وإضرابات عامة ومظاهرات شعبية واصطدامات محلية، ونضال سياسي شديد، ومقاومة جدية وفعلية لباعة الأراضي الفلسطينية وسماسرتها لليهود، وقد أخذت هذه الثورة طابعاً شعبياً وقومياً مشتركاً. اشترك فيها الشعب الفلسطيني بكل فئاته وتوحد الصف الداخلي تحت قيادة واحدة هي «اللجنة العربية العليا» وانتظم فيها المتطوعون العرب من جميع الدول العربية أشعلها المجاهد عز الدين القسام وأكملها أيضاً الضابط فوزي الفاوقجي الذي قاد جموع المتطوعين العرب. وعملت هذه الثورة على اغتيال باعة وسماسرة وجواسيس. وقد اشتعلت هذه الثورة اثر اكتشاف العرب شحنات كبيرة من الأسلحة في براميل الاسمنت الآتية لليهود من أوروبا، فأخذ الثوار العرب يهاجمون الثكنات والمنشآت البريطانية والمستعمرات اليهودية، وكبدوا قوات الانتداب البريطاني واليهود خسائر كبيرة. ولم تهدأ الثورة على الرغم من استقدام بريطانيا قوات إضافية من الخارج واستخدامها للدبابات والطائرات في قصف مواقع الثوار، إلا أن توسط بريطانيا لدى الزعماء والملوك العرب (الملك عبد العزيز بن سعود والملك غازي (العراق) والأمير عبد الله (الأردن) في تشرين الأول 1936 أدى إلى توقف أعمال العنف وتعهد بريطانيا بإيجاد حل عادل. أوقف الثوار عملياتهم بناءً على نداءات الملوك والزعماء العرب ووعد بريطانيا التي أوفدت لجنة تحقيق برئاسة «اللورد بيل» للتحقيق في أسباب الأضطرابات وكيفية تنفيذ صك الانتداب وبعد عدة لقاءات عقدتها اللجنة مع عدد من اليهود والعرب اقترحت هذه الأخيرة بضرورة الإضراب إقامة دولة يهودية وأخرى عربية تتحد مع شرقي الأردن كما طالبت باحتفاظ بريطانيا بالأماكن المقدسة.
ما إن وصلت أخبار التقسيم إلى الشعب الفلسطيني حتى تجددت الاضطرابات من جديد واتخذت طابعاً أكثر عنفاً وأبعد عمقاً من ثورة 1936 على الرغم من أن القيادة الأساسية لهذه الثورة كانت من أبناء الريف، ذلك أن الحاج أمين الحسيني اضطر إلى مغادرة فلسطين باتجاه العراق، وكذلك خرج معه العديد من القادة الوطنيين.
استخدمت بريطانيا في سبيل إيقاف هذه الثورة مختلف الأساليب البشعة كالقصف بالطائرات الحربية، وترويع السكان وفرض الغرامات النقدية عليهم وتهديم بيوتهم، ثم استقدمت قوات عسكرية إضافية وعينت الجنرال هانيغ قائداً للقوات العسكرية.
وقد تمكن هذا الضابط في مطلع عام 1939 من إلحاق خسائر كبيرة بالثوار ومحاصرتهم في الريف، إلا أنها لجأت ومن جديد لمناصريها من الحكام العرب (خاصة وأنها كانت مسيطرة عملياً على الأردن والعراق ومصر، ويساندها الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان. والصهيونية في فلسطين ونفوذها في العالم). لعقد مؤتمر في لندن حول المشكلة الفلسطينية.
وفي 7 شباط 1939
افتتح رئيس الوزراء البريطاني نفيل تشمبرلين المؤتمر بحضور الوفد البريطاني برئاسة مالكوم ماكدونالد والوفود العربية وكان الوفد الفلسطيني برئاسة جمال الحسيني أما الوفد الإسرائيلي فقد اختلف موقفهم مع موقف البريطانيين فانسحبوا من المؤتمر، واستمر العرب في مفاوضاتهم، وتوصلوا بالنهاية إلى بيان ختامي ينص على عدم شرعية وعد بلفور إضافة إلى تنظيم العديد من الأمور الأخرى كالهجرة اليهودية وبيع الأراضي ولكن الحكومة البريطانية تذرعت بالخلافات المحدودة نسبياً هادفة إلى إنهاء أعمال المؤتمر.
والانفراد تالياً برسم سياستها الخاصة بالوضع في فلسطين وفقاً لمصالحها المرتبطة مع الصهيونية العالمية.
تطور القضية الفلسطينية بعد الحرب العالمية الثانية:
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، برزت الولايات المتحدة كقوة عسكرية عظمى في العالم خاصة بعد أن انهكت الحرب مختلف دول أوروبا بالأخص إنكلترا وفرنسا، فكثفت الحركة الصهيونية نشاطها في الولايات المتحدة.
وقد أثمرت هذه النشاطات عندما طلب الرئيس الأمريكي ترومان في 31 آب 1945 من رئيس الوزراء البريطاني السماح بإدخال 100 ألف يهودي إلى فلسطين. وكانت بريطانيا تطمع بزيادة المساعدات إليها من الولايات المتحدة، فلم تكن تريد رفض طلبها، ولكن للتخفيف قليلاً عن العرب طلبت إرسال لجنة انكليزية أمريكية مشتركة للتحقيق في مشاكل مراقبة على هجرة اليهود إلى فلسطين. وبالفعل، بدأت هذه اللجنة أعمالها في 4 كانون الثاني 1946 في واشنطن ثم انتقلت إلى لندن ثم شكلت عدة لجان للإطلاع على أحوال اليهود في أوروبا كذلك انتقلت اللجنة في 28 شباط 1946 إلى القاهرة حيث التقت بأمين عام جامعة الدول العربية عبد الله عزام، ثم زارت كلاً من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق والسعودية وشرقي الأردن للاستماع إلى القادة العرب.
وبعد كل هذه اللقاءات جاء تقرير هذه اللجنة متعاطفاً مع اليهود ويسمح بإدخال 100 ألف يهودي إلى فلسطين، كما طالب التقرير بإلغاء القوانين الصادرة عن سلطات الانتداب عام 1940 والتي تمنع انتقال ملكية الأراضي من العرب إلى اليهود.