حياته
**************
وُلد حافظ الأسد في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية لأسرة فقيرة من الطائفة العلوية
كانت تعمل في فلاحة الأرض. أتم الأسد تعليمه الأساسي في مدرسة قريته التي
أنشأها الفرنسيون عندما أدخلوا التعليم إلى القرى النائية و كان أول من
نال تعليماً رسمياً في عائلته، ثم انتقل إلى مدينة اللاذقية حيث أتم
تعليمه الثانوي و نال شهادة الفرع العلمي. لم يتمكن من دخول كلية الطب في
الجامعة اليسوعية ببيروت كما كان يتمنى لتردي أوضاعه المادية و الاجتماعية
لذا التحق بالأكاديمية العسكرية في حمص عام 1952 و من ثم التحق بالكلية الجوية ليتخرج منها برتبة ملازم طيار عام 1955 ليشارك بعدها ببطولة الألعاب الجوية و يفوز بها.
التحق الأسد بحزب البعث عام 1946
عندما شكل رسمياً أول فرع له في اللاذقية. كما اهتم بالتنظيمات الطلابية
حيث كان رئيس فرع الاتحاد الوطني للطلبة في محافظة اللاذقية، ثم رئيساً
لاتحاد الطلبة في سوريا.
بعد سقوط نظام أديب الشيشكلي و اغتيال العقيد عدنان المالكي انحسم الصراع الدائر بين الحزب السوري القومي الاجتماعي و حزب البعث العربي الاشتراكي لصالح البعثيين مما سمح بزيادة نشاطهم و حصولهم على امتيازات استفاد منها حافظ الأسد حيث اختير للذهاب إلى مصر للتدرب على قيادة الطائرات النفاثة ومن ثم أرسل إلى الاتحاد السوفييتي ليتلقى تدريباً إضافياً على الطيران الليلي بطائرات ميغ 15 و ميغ 17 و التي كان قد تزود بها سلاح الجو السوري.
انتقل لدى قيام الوحدة بين سوريا و مصر مع سرب القتال الليلي التابع لسلاح الجو السوري للخدمة في القاهرة حيث كان برتبة نقيب (وحسب بعض المصادر رائد). لم يتقبل حافظ الأسد وعدد من رفاقه قرار قيادة حزب البعث بحل الحزب عام 1958 استجابة لشروط عبد الناصر لتحقيق الوحدة. فقاموا بتشكيل تنظيم سري عام 1960 عرف بـ اللجنة العسكرية و التي حكمت سوريا فيما بعد وكان لها دور بارز في الانقلابات التي حدثت في مطلع الستينات.
َََََََََََََََََََََََََ
انقلاب الثامن من آذار
*****************************
قام حزب البعث مع عدد من الأحزاب في سوريا بالتوقيع على وثيقة الانفصال في عام 1961، وعلى إثر ذلك اعتقل حافظ الأسد مع عدد من رفاقه في اللجنة العسكرية في مصر لمدة 44 يوماً أطلق سراحهم بعد ذلك وأعيدوا إلى سوريا في إطار عملية تبادل مع ضباط مصريين كانوا قد احتجزوا في سوريا. أُبعد حافظ الأسد بعد عودته عن الجيش لموقفه الرافض للانفصال وأحيل إلى الخدمة المدنية في إحدى الوزارات.
بعد أن استولى حزب البعث على السلطة في انقلاب 8 مارس/آذار 1963 ، فيما عرف في أدبيات الحزب ثورة الثامن من آذار، أعيد الرائد حافظ الأسد إلى الخدمة من قبل صديقه ورفيقه في اللجنة العسكرية مدير إدارة شؤون الضباط آنذاك المقدم صلاح جديد، رقي بعدها في عام 1964
إلى رتبة لواء دفعة واحدة، وعين قائداً للقوى الجوية والدفاع الجوي. وبدأت
اللجنة العسكرية بتعزيز نفوذها وكانت مهمة الأسد آنذاك توسيع شبكة مؤيدي
وأنصار الحزب في القوات المسلحة.
قامت اللجنة العسكرية في 23 شباط (فبراير) 1966 بقيادة صلاح جديد ومشاركة الضابط حافظ الأسد بالانقلاب على القيادة القومية لحزب البعث والتي ضمت آنذاك مؤسس الحزب ميشيل عفلق ورثيس الجمهورية أمين الحافظ ليتخلى بعدها صلاح جديد عن رتبته العسكرية لإكمال السيطرة على حزب البعث وحكم سوريا بينما تولى شريكه حافظ الاسد وزارة الدفاع.
َََََََََََََََََََََََََََََََََََََ
الحركة التصحيحية
********************
بدأت الخلافات بالظهور بين حافظ الأسد و صلاح جديد بعد الهزيمة في حرب 1967 حيث انتقد أداء وزارة الدفاع السورية خلال الحرب و خاصة القرار بسحب الجيش و إعلان سقوط القنيطرة
بيد الكيان الصهيوني قبل أن يحدث ذلك فعلياً بالإضافة إلى تأخر غير مفهوم
لسلاح الجو السوري في دعم نظيره الأردني مما أدى لتحميل حافظ الأسد
مسؤولية الهزيمة. تفاقمت هذه الخلافات مع توجه صلاح جديد
نحو خوض حرب طويلة مع إسرائيل بينما عارض حافظ الأسد ذلك لإدراكه أن الجيش
لم يكن مؤهلاً لمثل هذه الحرب خاصة بعد موجة التسريحات التي أتبعت انقلاب
8 آذار/مارس 1963 و التي طالت الضباط السنة من غير البعثيين.
وصلت الخلافات بين الرجلين أوجها خلال أحداث أيلول الأسود في الأردن عام 1970 حيث أرسل صلاح جديد الجيش السوري لدعم الفلسطينيين لكن وزير الدفاع و قائد القوى الجوية حافظ الأسد امتنع عن تقديم التغطية الجوية للجيش و تسبب في إفشال مهمته. على إثر ذلك قام صلاح جديد بعقد اجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث و التي قررت بالإجماع إقالة حافظ الأسد و رئيس الأركان مصطفى طلاس
من منصبيهما. لكن حافظ الأسد لم ينصع للقرار و تمكن بمساعدة من القطع
الموالية له في الجيش من الانقلاب في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970 فيما
يعرف بالحركة التصحيحية على صلاح جديد و رئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي وسجنهما مع العديد من معارضيه.
َََََََََََََ
استلام الحكم
****************
تولى حافظ الأسد منصب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الدفاع في 21 تشرين
الثاني/نوفمبر 1970 ثم مالبث أن حصل على صلاحيات رئيس الجمهورية في 22
شباط/فبراير 1971 ليثبت في 12 آذار/مارس 1971 كرئيس للجمهورية العربية
السورية لمدة سبعة سنوات بعد إجراء استفتاء شعبي ليكون بذلك أول رئيس في
التاريخ السوري ينتمي إلى الطائفة العلوية. وبعدها أعيد انتخابه في
استفتاءات متتابعة أعوام 1978 و1985 و1992 و1999 وفي كل مرة كان يحصل على
نسبة أصوات تقارب الـ 100%.
حكم الأسد سوريا مدعوماً بالجيش و نال استحسان الجماهير المرهقة في
بادئ الأمر نتيجة الإصلاحات التي قام بها وبناؤه للجيش السوري المدمر و
تحقيق النصر في حرب أكتوبر 1973
. لكنّ ظروف السبعينيات القلقة في المنطقة لم توفر نظام الأسد مما خلق
اضطرابات داخلية عنيفة لسنوات ، و لم يستطع من فرض سلطته المطلقة إلا بعد
نزاع عنيف مع حركة الإخوان المسلمين
السورية التي كانت قد أعلنت الثورة الإسلامية في سوريا ودعت لإسقاط نظام
الأسد وإقامة دولة إسلامية سنية المذهب ونهجت الحركة نهجاً ارهابياً وقامت
بمجازر منها مجزرة طلاب المدفعية في حلب والتي انتهت إلى قتل 32 طالباً
عسكرياً شاباً وجرح أكثر من 54، فرد الأسد بأعمال عسكرية عنيفة راح ضحيتها
عشرات الآلاف من المدنيين في حماة و حلب في عام 1982 وقتل فيها عدد كبير من مسلحي الإخوان المسلمين، قاد هذه العمليات أخوه رفعت . انخرط بشكل فعلي في حرب لبنان الأهلية بعد اجتياح إسرائيل للبنان مانعاً الجبهة اللبنانية من التعاون مع إسرائيل و طبق هناك سياسة (لا غالب و لا مغلوب) عن طريق حفظ توازن القوى بين كل الأطراف اللبنانية ، إلى أن حصل على تفويض من الجامعة العربية في مؤتمر الطائف بمساعدة الأطراف اللبنانية المتصالحة بالسيطرة على لبنان .
َََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََ
الصعيد الداخلي والخارجي
******************************
على الصعيد الداخلي ، مكنت معارك 1982 و 1984
حافظ الأسد من فرض سيطرته المطلقة و فرض الأحكام العرفية مطوراً نظاماً
أمنياً مشابهاً لمعظم الأنظمة العربية بعد السبعينيات ، و قد استطاع هذا
النظام الأمني من إلغاء كل المعارضة و تصفية زعمائها حتى في الخارج ،
ليحصل على سيطرة مطلقة و قمع كل مظاهر المجتمع المدني .
على الصعيد الخارجي استمر الأسد في رفض معاهدة كامب ديفيد التي وقعت بين السادات و الكيان الصهيوني منادياً بحل شامل للقضية الفلسطينية إلى أن قامت منظمة التحرير الفلسطينية بتوقيع اتفاقية أوسلو 1993 منفردة الأمر الذي اعتبره الأسد خيانة، في عام 1998 تمت عدة محاولات لإتمام اتفاقية سلام بين سوريا و الكيان الصهيوني تحت إشراف الراعي الأمريكي، لكن إصرار الأسد على استرداد كامل أرض الجولان التي احتلت في حرب 1967، حال دون إتمام أي اتفاق.
استمر حافظ الأسد رئيساً لسوريا حتى وفاته عام 2000 إثر أزمة قلبية مفاجئة (كنتيجة لمرض شديد استمر أكثر من 10 أعوام) أثناء محادثة هاتفية مع الرئيس اللبناني إميل لحود وعقبه في رئاسة الجمهورية ابنه بشار الاسد بعد تعديل دستوري للسن القانونية اللازمة لتولي منصب رئاسة الجمهورية.